بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
....تـُـحفة المــؤمن.....
قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم:
يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده إنّ ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين)
...جامع السعادات: 3/37.
ما أروعها من كلمة، وما أجملها من حكمة، وما أصدقها من قولة..
ألم تر ـ وخصوصاً في هذه الايــام التي انطوت فيها مناهج الصحة الإسلامية عن المجتمع ـ أُناسا ماتوا بالفجأة، حيث يضحكون أو يتكلمون، أو يأكلون أو ما أشبه..
فليقصر الانسان من أمله ويهتم بعمله، وإذا حدثته نفسه بالآمال، فليزمها بزمام الزهد والموعظة، فإن قصر الأمل موجب لخير الدنيا وسعادة الآخرة.
ومن أهم ما يوجب قصر الأمل، والإقبال على العمل (ذكر الموت)والذهاب إلى المقابر، وتذكر أحوال الماضي من الأقارب والأصدقاء، ومطالعة كتب السابقين
الذين عاشوا في الدنيا طويلاً، ثم:
جرت الرياح على محل ديارهم فكأنهـــــم كانـــــوا على ميعادأحسنوا أم أساؤوا، بنوا أو هدموا،أصلحوا أو أفسدوا، كسلوا أم نشطوا، ثم ذهبوا، ولم تبق منهم باقية، فهم رهائن القبور، ومضامين اللحود، ورهائن التراب،لايتنفس منهم أحد، ولا يعمل منهم إنسان،ولايفرحون بأفراح الدنيا ولايحزنون بأحزانها، فكأنهم لم يكونوا، وكأنهم لم يأتوا ولم يذهبوا.
إن الانسان ربما تضيق عليه الدنيا، بسبب فقر أو مرض، أوموت قريب أو ذهاب جاه،أوما أشبه فإذا ذكرالموت، وتذكّر فناء الدنيا، وإن كان حاله إلى زوال، لابد وأن ينشرح، وأن تتسع نفسه، ويجلو همّه..وبالعكس، ربما تتسع الدنيا لإنسان، ويفرح فرحاً كثيراً، حتى انه اذا بقيت له تلك الحالة، سببت طغياناً، وخبالاً، فإذا تذكّر وتفكّر، وذكر الموت والبلاء، لا بد وأن يحزن لانه يعلم عدم بقاء الحالة، وعدم مبرر للفرح بما أوتي من مال أو جاه أو ما أشبه، فحبذا تذكر الموت دواءً ناجعاً للحالتين.
وقـــال (صلى الله عليه وآله وسلم): (تحفـــة المؤمن المـــوت)... جامع السعادات: 3/40.
ومن الطبيعي أن يكون الموت تحفةً للمؤمن،أليست الدنيا سجن المؤمن؟كما أن من الطبيعي أن يكون الموت كفّارة، فإن شدائدها وأهوالها تذهب بالذنوب التي اقترفها المؤمن جهلاً وخطأً.
وسئل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
(نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة)..
. جامع السعادات: 3/40.
ولنقف قليلا عند هذا الحديث لننظر كيف ذكر الموت يؤثر في ميزان الإنسان؟..
إنّ من لا يعد نفسه للحساب لا يعمل عمل من يعد نفسه للحساب، والذي يعد نفسه للحساب لا بد وأن يذكر الحساب كثيراً، أرأيت من يكون له مستقبل خطر، كيف يكون دائماً في ذكره، وإعداد العدّة له؟ فإذا رأيت من له مستقبل خطير ثم لا يفكر ولا يتذاكر حوله، فاعلم أنّه أبله وليس بحازم عاقل.
لقد حبس الأموات الذين قبلنا،عن الارتحال إلى الآخرة،حتى نلحق بهم، فإذا التحق البشر كلهم بقافلة الأموات كانت القيامة الكبرى، ثم الجنة أو النار ـ وقد علمنا إنا نموت جميعاً، فكأنّه نودي فينا بالموت ـ فهذان سببان لأن نجد في العمل الصالح: الأموات الذين قبلنا وهم عبرة، وعلمنا بأنّا نموت لكنّا مشغولون باللعب واللهو، بالدنيا التي ليست إلاّ لهواً ولعباً. أليس في هذا ما يستدعي أشدّ العجب؟!
وقال الامام الصادق عليه السلام لأبي بصير: (اذكر يا أبا محمد، تقطّع أوصالك في قبرك، ورجوع أحبائك عنك، اذا دفنوك في حفرتك، وخروج نبات الماء من منخريك، وأكل الدود لحمك، فإنّ ذلك يسلّي عليك ما أنت فيه قال أبو بصير: فو الله ما ذكرته إلاّ سلّى عني ما أنا فيه من همّ الدنيا ... )جامع السعادات: 3/41.
ياالله، لقد كنا نداوي بألف دواء جرحاً صغيراً في جسمنا، فما أهوننا حتى تتقطع أوصالنا ولا دواء؟أين هم الاحباء ، وقد كانوا يهتمون بأمورنا، ويفدون أنفسهم لأقل كارثة تنزل بنا؟ لقد أصبح الانسان في القبر وحيداً فريداً، فلا قريب ولا صديق، إنّهم اشتغلوا بأنفسهم، ونسوا من كان يكدح ويتعب ويسهر لهم ...لقد كنا نطارد البعوض وذرّة من التراب إذا سقطت على وجوهنا، فما هذه الديدان التي تختلف ذاهبة وراجعة من
أعز موضع هو المخ إلى أجمل موضع هو الوجه، ثم لا نملك حولاً ولا طولاً حتى في الذبّ والدفع، وأخيراً أخذت الديدان تأكل اللحوم بكل اطمئنان... يا لها من فجيعة؟ ويا له من هول؟ لو بكينا له طول العمر لم نؤدَّ حقّه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أحبّ لقاء الله، ولا تكره لقاءه، فإن الله يحب لقاء من يحب لقاءه، ويكره لقاء من يكره لقاءه)...
اللهم نسألك حِــسن الخااتمه والرحمة الشاامله بحقِ مًحمدٍ والعترة الطــآهره